الحلال والحرام في الإسلام
لقد كرم الله تعالى الإنسان وفضله على كثير من خلقه ، ووهبه نعماً لاتعد ولاتحصى ، فوهبه نعمة العقل والإدراك التي ميزته من الحيوان ، وبهذا العقل ارتقى الإنسان ووفر جميع حاجاته المادية والمعنوية ، وإن سر تكريم الإنسان يكمن بالعقـل والإرادة والتزام أحكام الله ، ومن لا يـلـتـزم أحكام الله يـفـقـد تــكـريـم الله لإنسانيتـه لأن سلوكه سيكون بعيدا من العقـل وشبيها بسلوك الحيوان بل أضل منه قال تعالى : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أوليك كالأنعام بل هم أضل أوليك هم المفلون الأعراف : 179 فالغاية من الأحكام الشرعية هي الحفاظ على نعمة تكريم الإنسان وصيانة دمه وماله وعرضه وعقله وضمان الحرية الكاملة له على وفق الضوابط التي حددها الله تعالى من الأوامر والنواهي ، فعند التزام هذه الأحكام سينال الجميع حقوقه وكرامته في ظل الشريعة الإسلامية ، فالأفعال المحرمة لابد من أن يكون فيها تجاوز على الحقوق ، لذلك حرمها الله تعالى علينا ، فالله تعالي هو العادل الذي أرسل رسله لنشر العدل ومحاربة الط غاة والظالمين ، فمثلا السرقة حرام لأن فيها تجاوزا على حقوق الآخرين وعلى ممتلكاتهم الخاصة فكل منا لو وضع نفسه مكان الشخص المسروق ، لأحسّ بمرارة فقده لماله وجهده وقوته ، و لأدركنا عظمة حكم تحريم السرقة وحكمة العقوبة الرادعة المترتبة على السرقة . . وكذلك الغيبة محرمة . . . فمن منا يرضى أن ينال الناس منه بكلام سيىء في غيبته ومن منا يقبل أن يطعن فيه ، وهو لايملك قدرة الدفاع عن نفسه لغيابه وعدم علمه بمن يغتابه لذلك ، فقد الله وضع تعالى عقوبات للأفعال المحرمـة فـمـن يغتاب الناس يحاسب حسابا عسيرا يوم القيامة فتطرح من حسناته وتؤخذ لتكون في ميزان حسنات المستغاب .
من أن وأن الله تعالى لايغفر ذنب الغيبة حتى يعفو عنه المستغاب . وهكذا كل فعل محرم لو نظرنا في آثـاره لأدركنا عظمة التحريم فحين ينهانا الباري عز وجل عن الإسراف والتبذير في كل شيء ، كالمياه مثلا لابد ه يكون ذلك لحكمة عظيمة فالماء سر الوجود للإنسان والحيوان والثمر والشجر ، ومن منا يستطيع الاستغناء عنه ، وياللأسف هناك من يعامل نعم الله تعالى من ماء وطعام بفوضوية وعدم مبالاة وتبذير ، في وقت يكون هناك أناس بأمس الحاجة إلى القليل من هذه النعم وقد يدفعون ثمن تبذيرنا حياتهم وجوعهم وعطشهم ، فلو كنا مكان من شحت عليه النعم لأنبنا كثيرا من يسرف ويبذر فيها 47 اذن ، نستخلص قاعدة مهمة أننا يجب قبل القيام بأي فعل لابد علينا من التفكير بآثاره في النفس والآخرين ، فإن كان فيه ضرر وأذى فهو حرام ، وجميعنا يعلم أن الله تعالى غني عنا ، وانما حرم علينا أمورا لأن فعلها يؤذي الآخرين أو النفس ، ومن يؤذي الآخرين لن يفلت من عقاب الله وعقاب القانون ، وإذا سادت الفوضى وعدم احترام الأحكام والحقوق تحولت الحياة إلى غابة يصعب العيش فيها فيا أولادنا الأحبة ، في هذه الحياة علينا أن نعامل الآخرين كما نريد منهم أن يعاملونا فالدين المعاملة وكما حرم الله تعالى أموراً فلقد أباح لنا أفعالاً كثيرة مادامت لاتتضمن ة . ضررا ، فأحل لنا أكل الطيبات من الطعام من دون إسراف فتناول الطعام والشراب من دون إسراف وتبذير مباح وحلال لكن لوكان ذلك التناول بإسراف وتبذير ، صار فعلا مكروها وقد يكون محرما لأنه يؤذي النفس فيخلف أمراضا عضوية منها تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكر والسمنة ، كما يقسو القلب لأنك حين تسرف وتبذر لاتشعر بجوع المحتاجين ومعاناتهم ، فلو دفع كل منا مازاد على حاجته من طعام وشراب وملبس إلى من به حاجة لشعر الجميع بالسعادة والراحة ، وهنا نورد لكم قصة رجل حكيم مر برجلين وكانا يشعران بألم في البطن فســـأل الأول الذي كان يبدو عليه الثراء عن سبب ألمه ، فأجابه أنه أكل كثيرا .
فاضطربت معدته ، وسأل الثاني الذي بدت عليه سمات الفقراء والتعفف عن سبب ألمه ، فأجاب أنه الجوع الذي قطع أحشاءه وجعله يتألم ، حينها قال الحكيم : لو أعطي الغني مازاد عن حاجته من طعام للفقير ماتألم أي منهم ، لذلك جعل الله تعالى الزكاة واجبة والصدقة فعل مستحب ومندوب يثاب الإنسان عليه ، فكل الأحكام الشرعية أوجدها الله تعالى لصيانتنا وحمايتنا وحفظ كرامتنا . مما تقدم يتبين لنا أن أحكــــــام الله تعالى تـرسـم لـنـا حياتنـا وتبيـن طريق الحيـاة الـقـويـمـة الموصـلة الى نعيم الحيـاة الخالـدة ، وهذه الأحكام تقسم نشاطــــــــات الإنسان على أقسـام خمسـة ، فما كـان أثرها جيدا على الفرد والمجتمع ، كانت حلالا ، وماكـان أثـرهـا سيئا كانت حراما وهذه الأفعال هي : المباحـة ، والمحرمة ، والواجبة ، والمستحبة ، والمكروهة . وسنبينها مفصلاً
الأفعال المباحة
هي الأفعال التي يملك فيها الإنسان حرية الاختيار ، فله الحق أن يفعـل أو يتـرك ، من دون أن يحاسبه على ذلك الله تعالى . فالإنسان حر في اختيار نوع الطعام والشراب ، والأفعال المباحة هي أوسع الأفعال : وأكثرها فكل شيء حلال مالم يحرمه الله .
الأفعال المستحبة
هي الأفعال التي حث الإسلام على أدائها ، ورتب الله تعالى ثوابـا على فعلها ، ولم يرتب عقوبة على تركهـا . كعيـادة المرضى وزيـارة الأخوان وصلاة الليـل وقراءة القرآن . . . . . والهدف من الأفعال المستحبة هو تنميـة الإحساس وبوادر الخير في النفس الإنسانية من خلال دافع أخلاقي وإنساني ، من دون أن يكون ملزما بها وهذه الأفعال المستحبة والمندوبة هي التي ترفع درجة الإنسان يوم القيامة ومكانته بين الناس . الأفعال المك وهة : الأفعال التي حث الإسلام على تركهـا ، من دون أن يشرع عقـوبة وهي على فاعلها ، ولكنه يثيب على تركها . كالمغالاة في المهور ، لأن المغالاة في المهور تؤدي إلى تعطيل الزواج وحرمان الكثير منه مما يترك آثارا سلبية في الفرد والمجتمع . وكراهة الأكل في الشارع لما فيه من الاستخفاف بنعم الله ولأن للطعام آدايا ستفتقد عند الأكل في الشارع ، كما أنه يقلل من قيمة الإنسان فضلا عن ذلك أن عملية هضم الطعام لن تكون يسيرة مع عدم معرفة نظافة الطعام المأكول أو حليته . إن الهدف من تشريع حكم الكراهة هو قطع الطريق الموصل الى الحرام فمن يلتزم ترك المكروه يلتزم أكثر بترك الحرام .
الأفعال المحرمـة
وهي الأفعال التي أمر الإسلام بتركها ، ورتب العقوبة على فاعـلـهـا ، والثواب لتـاركهـا . كالسرقة والكذب والغش والزنا والربا وشرب الخمر وتأييد الظـالـم ، ولقد حرم الله تعالى هذه الأمور لآثارها الخطرة والسيئة في الفرد والمجتمع .
الأفـعـال الواجبـة
هي الأفعال التي أمر الإسلام بفعلها ، ورتب العقوبة على تاركها ، والثواب لفاعلها . وقول الحق . نحو : أداء الصلاة والصوم والزكاة وبر الوالدين والنهي عن المنكر إن الله تعالى لم يشرع هذه الأحكام لكبت الإنسان وحرمانه من متع الحياة ، بل لما لها من فوائد كبيرة في تهذيب النفس و حماية الإنسان من الأخطار ومن كل الرذائل . رحمة الله العظيمة أولادنا الأعزاء إن الله تعالى أرحم بعباده من رحمة الأم بوليدها فعلى الرغم من أن أحكام الله تعالى ثابتة وتمثل قانونا ... إلا أن الله تعالى يقدر ظروف الحياة الحرجة فيعمد الإسلام إلى إيقاف الأحكام مؤقتا عند الضرورة فيجيز الحرام لضرورة ويحرم الحلال لضرورة . فالكذب حرام شرعا ، لكن إذا كانت الغاية منه إصلاح بين متخاصمين أو حماية إنسان بريء من سطوة ظالم أصبح الحرام حلالا ... ولقد حرم الله تعالى الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله لكن إذا أشرف إنسان على الموت جوعا وليس أمامه إلا أن يأكل لحم حيوان ميت سنجد عظمة الإسلام تتجسـد لحفظ النفس فيحل أكل الميتة حفظا لها .. وهذا ينضوي تحت قاعدة شرعية هي ( الضرورات تبيح المحظورات ) التي كان دليلها قوله تعالى : إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهـل به لغير الله فمن أضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم - البقرة : ۱۷۳ إن المسلم الحقيقي هو من يلتزم شرع الله تعالى فيفعل الحلال ويترك الحرام وإن أراد مزيدا من الثواب فعل المستحبات واجتنب المكروهات من الأفعال ليبلغ الدرجات العلى عند الله فيفوز بجنانه ونعيمه وحب الناس وتقديرهم .
انتهى المقال ...
انتهى المقال ...
شكرا لكم